تعتبر اضطرابات التغذية من أهم المشاكل المنتشرة
في الدول النامية، فهي تهدد الأفراد والجماعات بأمراض النقص الغذائي، ويقتل بسببها
طفل من كل ثلاثة أطفال تحت سن الخامسة تشمل الدول النامية معظم الدول التي تقع في المناطق
المدارية في إفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية، حيث تنتشر في هذه المنطقة مشاكل سوء
التغذية الناجمة عن نقص الغذاء وعدم توازنه. كما تتميز هذه الدول بالزيادة المطردة
في تعداد السكان وانتشار العدوى والطفيليات والمشاكل الصحية الناجمة عن البيئة غير
الصحية.
ويقدر عدد الذين يعانون من سوء التغذية ي العالم
بحوالي 20% من مجموع السكان، معظمهم في الدول النامية، كما يعاني 60% من سكان العالم
من عدم اتزان عناصر الغذاء. ومع استمرار الزيادة في تعداد السكان لا بد من زيادة الإنتاج
الغذائي بمعدل يفوق زيادة السكان لضمان تقدم الحالة التغذوية في العالم ويمكن التكهن
بأن هذه الزيادة المطلوبة قد تصل إلى 174% من الإنتاج الحالي بحلول عام 2000، أما باقي
الدول النامية فلا بد أن تصل هذه الزيادة فيها إلى 329% لتتعادل مع الزيادة المتوقعة
في أعداد السكان وللتغلب على مشاكل النقص الغذائي.
وتدل التقارير الغذائية على أن الغذاء الذي يعتمد
على الحبوب والخضراوات ولا يحتوي إلا على القليل من البروتينات الحيوانية يؤدي إلى
كثير من أمراض النقص الغذائي، ومن أهم هذه الأمراض نقص البروتين والطاقة، وخاصة بين
الأطفال، وجفاف العين نتيجة لنقص الفيتامين A،
وكذلك فقر الدم الذي يصيب الأطفال وأمهاتهم، وتضخم الغدة الدرقية نتيجة لنقص اليود.
الأسباب والمظاهر العامة لسوء التغذية:
تعتمد الحالة الصحية والغذائية السليمة على حصول
الفرد على ما يكفيه من العناصر الغذائية الضرورية، أي على التغذية السلمية، وتوفير
الغذاء الكافي. وتتأثر كفاية الغذاء بعدة عوامل، من بينها الرخاء الاقتصادي والاجتماعي،
والإنتاج الزراعي والغذائي، وعدالة توزيع هذه المنتجات. ويعد الجهل وانخفاض المستوى
الاقتصادي من أهم أسباب أمراض نقص التغذية في الدول النامية [1] . وفي هذه الدول يقع
العبء الأكبر لسوء التغذية على الأطفال، لأن من أهم السمات الطبيعية للإنسان في مراحل
العمر الأولى هي النمو الذي يشمل النمو البدني والعقلي والعاطفي، والنمو الاجتماعي
من خلال الأسرة والمجتمع. وتلازم التغذية أوجه النمو المختلفة، بحيث لا يمكن فصل أي
منها عن الآخر. وقد دلت الأبحاث أن الحرمان العاطفي والقسوة والإهمال وتفكك الأسر والمشاكل
النفسية يؤدي كله إلى التأخير في النمو وإضعاف البدن مثل نقص الغذاء، والإصابة بالأمراض
المزمنة في مراحل العمر الأولى. وللأطفال عدة صفات مميزة يختلفون فيها عن الكبار، منها
أن احتياجاتهم الغذائية أكثر من احتياجات الشخص البالغ، لأنهم يحتاجون إلى مزيد من
الطاقة والبروتين لبناء أنسجتهم، وليس فقط للمحافظة على سلامتها، وكذلك تختلف الوظائف
الفيزيولوجية لأعضاء جسم الطفل عن تلك التي للشخص البالغ.
ولما كان الضرر الأكبر لسوء التغذية يقع على الأطفال،
فإن مشكلة سوء التغذية عند الأطفال، وخاصة في السنوات الخمس الأولى من العمر، من أهم
المشاكل الصحية عامة والمشاكل الغذائية بوجه خاص. إذ أن الحالة التغذوية في السنة الأولى
من العمر تعتمد على الطريقة التي يتغذى بها الطفل، وعلى حالته الغذائية وهو جنين، أي
قبل الولادة. فالطفل الرضيع الذي يتغذى على لبن "حليب" الأم تكون حالته الصحية
والغذائية مرضية حتى شهره السادس، أما بعد ذلك فإن لبن الأم لا يفي باحتياجات الطفل
المتزايدة، وخاصة لبعض المواد الغذائية التي لا توجد في اللبن بوفرة مثل الحديد وبعض
الفيتامينات. كما أنه يحتاج لكميات أكثر من المواد المنتجة للطاقة نظرا لنموه السريع
في هذه الفترة. لذلك لا بد من تزايد هذه المواد بجانب الاستمرار في الرضاعة بكميات
تتفق وسن الطفل، فإذا اتبع هذا
النظام لا تكون هناك أي مشكلة، ويستمر نمو الطفل
على منوال طبيعي. أما إذا انقطع الطفل فجأة عن الرضاعة من ثدي أمه لأي سبب ولم يعوض
عن لبن الأم بما يعادله من الحليب البقري أو المجفف، مضافا إليه الأغذية الإضافية،
فإنه يتعرض لأشد حالات سوء التغذية وخاصة إذا أصيب في هذه الفترة بأي مرض معد. وتظهر
عليه عندئذ عدة أعراض متفاوتة في الشدة منها تأخر النمو الطبيعي ثم توقفه تماما، ثم
يتبع ذلك نقص في وزن الجسم إذا استمرت الأوضاع التي أدت إلى ظهور أعراضه نظرا لاستهلاك
ما تحتويه أنسجة جسم الطفل من سوائل ودهون وبروتينات. وتزداد حالته سوءا إذا أعطته
أمه رضعة ملوثة أو غير مغذية، أو امتنعت تماما عن إطعامه ظنا منها أنها تعالجه مما
يعانيه من قيء وإسهال إلى غير ذلك.
وهذه الحالة كثيرا ما تصيب الطفل في السنة الأولى
من العمر. وما أكثر ما نجد مرضى بهذه الحالة في المستشفيات والمراكز الصحية، بل قد
يصل الأمر ببعض هؤلاء المرضى من الأطفال أن يكونوا في حالة حرمان تام من الطعام أو
الجوع المزمن حتى يبدو وجه الطفل فيه كوجه العجوز، كما يبدو جمسه كهيكل عظمى يرتدي
ثوبا من الجلد الجاف، وقد يحتاج هؤلاء الأطفال إلى بقائهم عدة أشهر بالمستشفى للعلاج،
كما أنهم حتى لو شفوا من المرض تظل أثاره في نموهم البدني والعقلي، وهؤلاء هم الأطفال
الذين يصابون بدرجة شديدة من نقص البروتين والطاقة ويطلق على هذه الحالة اسم السغل
[2] marasmus.
ويصاب الطفل في السنة الثانية من العمر بسوء التغذية
نتيجة لفطامه بغذاء مكون من الكثير من المواد النشوية والقليل جدًّا من المواد البروتينية
التي لا تفي بحاجة الطفل من المواد البانية لأنسجة الجسم وخلاياه وأجهزته المختلفة.
لذلك تظهر على الطفل أعراض خاصة بنقص المواد البروتينية مثل تورم الجسم والتهابات الجلد
وسقوط الشعر وتقصفه، بجانب الأعراض السابق ذكرها كتوقف النمو وضمور العضلات.
كما يصاب الطفل باضطرابات عصبية، إذ يصبح حاد المزاج
فلا يكف عن البكاء ويبدو كئيبا وقد يشكو من الأعراض الناشئة عن نقص الفيتامينات وخاصة
فيتامين A الذي يؤدي نقصه إلى جفاف أنسجة العين وخاصة القرنية مما يؤدي إلى العمى
المصدر المواقع العلمية.
0 التعليقات:
إرسال تعليق
شكرا لكم يااصدقائي على المعلومات